Subscribe to Wordpress Themes Demo
حلم

بين أمالى فى النجاة ، واليأس المطبق على الجوارح أطلوا ، بنظراتهم الملتهمة ، وأفواههم الفاغرة الشرهة .. على الشاطئ الصخرى الصامت ممددا .. فى الهجير الحارق متناثرا كنت كأشلاء سفينتى التى ركبت بمرح طفولى الأمواج العاتية ، واشتهت بلذة جنونية الرياح العاصفة ، واجتاحت بمهارة خارقة المخاطر المطوقة ، ثم صدمها طحلب بجوار المرفأ فانقلبت.. ها هى الزجاجات الأرجوانية تلمع بين أظافرهم المدببة .." صيد ثمين " صرح أحدهم ، وبشبق دموى انقضوا .. التهموا الموج والرمل ، والأعشاب المتناثرة .. وجدتنى أتقيأ .. حبوت على بطنى أستنجد ببقايا بريق خافت فوق صخرة عالية جرنى إليه،.. لذت بها أخيرا بعد حلقة شد وجذب مع الصخور الصغيرة ، الناتئة كنت مهزوما فيها .. لف بى دوار البحر وعصفت بى ذكريات الأحقاب المندثرة. أحدهم ارتمى على الأرض واستطال .. زحف سريعا نحوى ، وليس هناك إلا كهف قديم فى بطن الجبل ارتميت فيه .. لحقنى .. طوقنى بعناية .. فغر فاه وأخرج لسانه المشقوق فانقلب أنامل شوكية . جرنى من ياقة الجاكتة عبر سراديب عطنة إلى أن خرجنا من فسقية بديعة وقذفنى بجوار شجرة خوخ.. مبللا كنت تحت وهج الشمس الحارق ، قلت لنفسى (قصر عظيم يشى بعظيم ) . من وسط العتر الأحمر خرج إلينا بهندامه المكوى وشاربه المفتول ، وعصاه العاجية وبنبرة تهديد قال :-
- علاقتك إيه ببنتى الوحيدة ؟
- بريء يا باشا .
- هاتنكر ؟ كلابى فى كل ناحية ، مدربين على أكل اللحم النى ..
تلفت حوله .. مسح شاربه الكث .. رفع عصاه العاجية ودكها فى أرض الحديقة ، وبنظرة مشتعلة قال " غور ".
صفعة ساخنة على وجهى الناعم من أحدهم ذا الأنف النحاسى ، وقهقهة الجميع سحقت كبريائى ..
انطرحت أرضا .. حاموا حولى كغربان جائعة ، ضالة .. تيقنت من هلاك محقق .. أنشبوا أظافرهم الحادة فى اللحم والدم.. احضر أحدهم قصعة ، ملؤوها بالأحمر القانى الذى انبثق من أوردتى المرهقة .. عبوا زجاجاتهم القاتمة ، صرخت ، لم يأبه أحد.. كانوا يلعقونها بشبق .
وجدتنى طيفا خفيفا ، وبزهو طاووس اجتزت السور الشائك.. حلقت من جديد فوق أشجار الحديقة الممتدة .. جبت الممرات الفسيحة ، والسراديب الموغلة .. لمحتها فجأة ، ناعمة ، وادعة كيمامة ، يلتفون حولها كطوق فولاذى ، وبسرعة انقضاض الصقر على الفريسة التقطتها.. عقب أحدهم بحسرة " لا فائدة".. ضممتها بلهفة ، وجبنا أرجاء واسعة تحت بريق الشمس الحانى . فى أصيل وردى بلون خدودها الطفولية العذبة افترشنا منحدرا معشوشبا على جانب النيل المترقرق ،حدقنا بعين واحدة فى شريانه العميق .. بأصابعها الدقيقة رفعت خصلة من شعرها كانت مسدلة على عينها اليسرى هامسة بفرح " انظر " . بوغت فى مكانى ، وقفت وقلبى ينضح خوفا ، ففى غلالة أرجوانية خرجت حورية الماء بنصفها الأدمى ونصفها السمكى من قلب النيل وقطرات الماء تنهمر من أطرافها كالفضة المذابة ، رمقتنى بنظرة وردية وقالت " مرحى بالبطل " .