وحيدا كنت تجلس ونوافذ الرغبة مفتوحة ، تراقب صمتك والدخان العبثي الذى يخرج من رئتيك فى برد يناير ..
" قابلنى فى تمام التاسعة مساء فى شارع ..... خلف المبنى المتهدم "
قلبتها - الورقة الموشاة بالزهور الحمراء فى الأسفل - عشرات المرات .. كخريطة حفظت انحناءات خطها الأنثوي الصغير الملتوى فى نهاياته .
*****
حينما كتبت بالأحمر فى باطن كفك ذات صباح مورق بزقزقة العصافير ( أحبك ) أطبقت يدك بحرص ، بل فكرت أن تلفها فى حرير وقبلتها بجنون .. بعدئذ سقط شغفك سهواً مع قطرات الرذاذ المنهمرة من يديك .. رجوتها أن تكتب فى ورق انتقيته بنفسك . رفضت لأن أباها يأمل فى زواجها ممن لا تحبه وأنت لم تبرح مكانك ..
- ماذا تريد بالضبط ؟
صمتك إخطبوط ميت .. الكلمة المناسبة تغيب دائما فى الوقت المناسب .. الإسعاف لا يأتى إلا والجسد مدرجا بدمائه والشرطة لا تطب على مكان الجريمة إلا لرفع البصمات من فوق الخزينة الفارغة .. بقية آثار على المكتب ، منديل سقط خطأ وقطرات عرق على الأرض ..
ترى هل يؤلمها صمتك ؟ تريد أن تخبرها أنك لا تستطيع النطق وحدك فأنت نقطة فى محيط صاخب بلا صوت : حجرتك / كتبك / مكتبك / أجدادك الذين تحرص على عدم إزعاجهم ..
*****
قابلتها العام الماضى أو قبل ذلك بقليل .. كانت ترفل فى طاقم كحلي تسبح على نهديها زهور ذهبية تتمايل أغصانها المطرزة .. اضطرب قلبك - الذى بلا بوصلة يمشى - من النظرة الأولى .. رشقت أنوثتها فسقطت نظرتها عمدا إلى الأرض واغتبطت ، هكذا بدا على وجهها المخضب بحمرة خفيفة وثغرها الباسم .. مدت خطواتها ، وافترقتما.
- ألو .
- .............
- أنا ..... تائه من يوم أن رأيتك ..
صكت التليفون صفعت أذنك ، وشعرت بإحباط هادئ كسحب الخريف .
*****
خلف اندفاع مسيج بالدبيب القوى لقلب يئن قلت " نتقابل " وهى بدلال قالت " أفكر " .
بعد طول انتظار انطلقت روحك بما لم تعهده حتى فى أعز نوبات الكتابة .. اقتربت فى أمل وابتعدت فى وجل ؛ بينكما مسافة حلم ..
- أحبك فى شذى الورد .. أعشقك فى لون الفجر .. أطير بك إلى أرض الحب .
- وما أرض الحب ؟
- بعيداً فوق ربوة عالية مضمخة برائحة الفل والنرجس ، على حافة الأرض حيث لا عيون تترقب ولا أذان تتناقل ولا قلق ينبت ..
انسابت على كتفك .. أحسست بأنك تحلق كعصفور صغير يبدأ الطيران وبأن الأشياء التى تستظل بها قد أغمضت أعينها للحظات فلثمت خدها وشفتيها ولمحت أهدابها ترتعش ..
*****
ذات ليلة قالت ..
- نتقابل منذ وقت طويل ولم نقرر مصيرنا بعد !
تلقيت كلماتها على مهل .. قلت ..
- ما بالنا نعيش حياة وردية .. لماذا نفكر و....
كان الخجل باديا فى حمرة خديها ..
- ألا تفكر فى سقف واحد يظلل قلبينا ؟
- لا أستطيع البعد عنك .
- أهذا .......
احتبس صوتها فلم تكمل .. تلك الليلة ظللت تائها فى صحراء غيابك لم يزرك النوم ..
*****
أخدعة أن يتوقف الزمن تماما وأنت تنتظر ؟ التاسعة إلا خمس دقائق وهى كذلك منذ ساعتين أو أكثر .. عقارب الساعة تمتص دماء لهفك ، تراقب ليلك الساهد وبرد الشتاء يجمد أطرافك ..
ستجيء ؟ يبدو .. أتستعد بوقوفها المتأنى أمام المرآة وإكمال تأنقها لمقابلتك ؟ ربما .. هى هنا فى مكان ما .. أحسستها فى روحك وأعضائك التى استحالت كتلة لزجة من الحواس المرهفة وعطر هادئ يهف على أنفك كالذى وضعته فى لقائكما الفائت حين قالت ..
- لنفعل ما نريد .
- لا يمكن .
- أضيع منك ويداك مكتوفتان !
التاسعة إلا دقيقة واحدة .. رأسك تشتعل ، هى ودفق الكتابة سواء فبمثل هذا الانتظار المؤلم الرائع تولد الكلمات .. لو لم تجيء ؟ فجأة برقت عيناك لانعكاس صورتها فى مرآتها .. شهقت بارتياح ..
- مساء الخير .
يبست كلماتك / حركاتك / تقاطر صبرك عرقا باللقاءات الكثيرة التى لم تكسبك سوى كراهية الانتظار ..
- ماذا فعلت ؟
*****
ولأن لكل حكاية بداية فلا بد لها من نهاية يضعها أصحابها باختيارهم أو تضعها لهم الأحداث لكن أحدهم يتحمل جزءا كبيرا من نهايتها ، أما أنت فلن تجد مهما بحثت عن جذوة ما تزال مشتعلة برأسك من بقايا الحكايات والكلمات الكبيرة التى تبتكرها لتضعها رداً للورقة التى وجدتها بين دفتى كتاب أشتريته من بائع الكتب القديمة ؛ فدائما ما تشعر والورقة موضوعة أمامك أنك ربما قابلت صاحبتها ، جميلة وواثقة تبحث عن علاقة صريحة كما ينبغى لها ، أما الفتى الذى وضع الخطاب الصغير فى الكتاب وباعه ليتخلص منه فهو وحيد ودائم الهرب ربما ، مثلك يطفو فقط فوق قارب الوقت انتظارا لعلاقات عابرة..
" قابلنى فى تمام التاسعة مساء فى شارع ..... خلف المبنى المتهدم "
قلبتها - الورقة الموشاة بالزهور الحمراء فى الأسفل - عشرات المرات .. كخريطة حفظت انحناءات خطها الأنثوي الصغير الملتوى فى نهاياته .
*****
حينما كتبت بالأحمر فى باطن كفك ذات صباح مورق بزقزقة العصافير ( أحبك ) أطبقت يدك بحرص ، بل فكرت أن تلفها فى حرير وقبلتها بجنون .. بعدئذ سقط شغفك سهواً مع قطرات الرذاذ المنهمرة من يديك .. رجوتها أن تكتب فى ورق انتقيته بنفسك . رفضت لأن أباها يأمل فى زواجها ممن لا تحبه وأنت لم تبرح مكانك ..
- ماذا تريد بالضبط ؟
صمتك إخطبوط ميت .. الكلمة المناسبة تغيب دائما فى الوقت المناسب .. الإسعاف لا يأتى إلا والجسد مدرجا بدمائه والشرطة لا تطب على مكان الجريمة إلا لرفع البصمات من فوق الخزينة الفارغة .. بقية آثار على المكتب ، منديل سقط خطأ وقطرات عرق على الأرض ..
ترى هل يؤلمها صمتك ؟ تريد أن تخبرها أنك لا تستطيع النطق وحدك فأنت نقطة فى محيط صاخب بلا صوت : حجرتك / كتبك / مكتبك / أجدادك الذين تحرص على عدم إزعاجهم ..
*****
قابلتها العام الماضى أو قبل ذلك بقليل .. كانت ترفل فى طاقم كحلي تسبح على نهديها زهور ذهبية تتمايل أغصانها المطرزة .. اضطرب قلبك - الذى بلا بوصلة يمشى - من النظرة الأولى .. رشقت أنوثتها فسقطت نظرتها عمدا إلى الأرض واغتبطت ، هكذا بدا على وجهها المخضب بحمرة خفيفة وثغرها الباسم .. مدت خطواتها ، وافترقتما.
- ألو .
- .............
- أنا ..... تائه من يوم أن رأيتك ..
صكت التليفون صفعت أذنك ، وشعرت بإحباط هادئ كسحب الخريف .
*****
خلف اندفاع مسيج بالدبيب القوى لقلب يئن قلت " نتقابل " وهى بدلال قالت " أفكر " .
بعد طول انتظار انطلقت روحك بما لم تعهده حتى فى أعز نوبات الكتابة .. اقتربت فى أمل وابتعدت فى وجل ؛ بينكما مسافة حلم ..
- أحبك فى شذى الورد .. أعشقك فى لون الفجر .. أطير بك إلى أرض الحب .
- وما أرض الحب ؟
- بعيداً فوق ربوة عالية مضمخة برائحة الفل والنرجس ، على حافة الأرض حيث لا عيون تترقب ولا أذان تتناقل ولا قلق ينبت ..
انسابت على كتفك .. أحسست بأنك تحلق كعصفور صغير يبدأ الطيران وبأن الأشياء التى تستظل بها قد أغمضت أعينها للحظات فلثمت خدها وشفتيها ولمحت أهدابها ترتعش ..
*****
ذات ليلة قالت ..
- نتقابل منذ وقت طويل ولم نقرر مصيرنا بعد !
تلقيت كلماتها على مهل .. قلت ..
- ما بالنا نعيش حياة وردية .. لماذا نفكر و....
كان الخجل باديا فى حمرة خديها ..
- ألا تفكر فى سقف واحد يظلل قلبينا ؟
- لا أستطيع البعد عنك .
- أهذا .......
احتبس صوتها فلم تكمل .. تلك الليلة ظللت تائها فى صحراء غيابك لم يزرك النوم ..
*****
أخدعة أن يتوقف الزمن تماما وأنت تنتظر ؟ التاسعة إلا خمس دقائق وهى كذلك منذ ساعتين أو أكثر .. عقارب الساعة تمتص دماء لهفك ، تراقب ليلك الساهد وبرد الشتاء يجمد أطرافك ..
ستجيء ؟ يبدو .. أتستعد بوقوفها المتأنى أمام المرآة وإكمال تأنقها لمقابلتك ؟ ربما .. هى هنا فى مكان ما .. أحسستها فى روحك وأعضائك التى استحالت كتلة لزجة من الحواس المرهفة وعطر هادئ يهف على أنفك كالذى وضعته فى لقائكما الفائت حين قالت ..
- لنفعل ما نريد .
- لا يمكن .
- أضيع منك ويداك مكتوفتان !
التاسعة إلا دقيقة واحدة .. رأسك تشتعل ، هى ودفق الكتابة سواء فبمثل هذا الانتظار المؤلم الرائع تولد الكلمات .. لو لم تجيء ؟ فجأة برقت عيناك لانعكاس صورتها فى مرآتها .. شهقت بارتياح ..
- مساء الخير .
يبست كلماتك / حركاتك / تقاطر صبرك عرقا باللقاءات الكثيرة التى لم تكسبك سوى كراهية الانتظار ..
- ماذا فعلت ؟
*****
ولأن لكل حكاية بداية فلا بد لها من نهاية يضعها أصحابها باختيارهم أو تضعها لهم الأحداث لكن أحدهم يتحمل جزءا كبيرا من نهايتها ، أما أنت فلن تجد مهما بحثت عن جذوة ما تزال مشتعلة برأسك من بقايا الحكايات والكلمات الكبيرة التى تبتكرها لتضعها رداً للورقة التى وجدتها بين دفتى كتاب أشتريته من بائع الكتب القديمة ؛ فدائما ما تشعر والورقة موضوعة أمامك أنك ربما قابلت صاحبتها ، جميلة وواثقة تبحث عن علاقة صريحة كما ينبغى لها ، أما الفتى الذى وضع الخطاب الصغير فى الكتاب وباعه ليتخلص منه فهو وحيد ودائم الهرب ربما ، مثلك يطفو فقط فوق قارب الوقت انتظارا لعلاقات عابرة..